لن ينساكِ

وقالت صهيون قد تركني الرب وسيدي قد نسيني. هل تنسي المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها. حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساكِ. هوذا على كفي نقشتكِ أسوارك أمامي دائماً (إشعياء 49 : 14 - 16 ) (

 

     صديقتي العزيزة .. هل تعرفين الفرق بين الرسم والنقش؟

قد تكون إجابة هذا السؤال بديهية إلا أنني أدعوكِ اليوم إلى تأمل عميق في الفرق ما بين المعنيين.

 

من المعروف أن الرسم يكون على الورق والأقمشة باستخدام أقلام خاصة أو ريشة رسم ، ولهذا السبب فهو عُرضة للمحو ، أما النقش فهو معروف بأنه يكون على الحجر أو رقائق المعادن ويكون باستخدام أزميل ، لذا فهو يأخذ مجهوداً أكبر ودقة أكثر من الرسم ، مما يضمن بقاء الشكل الذي تم نقشه.

يتضح لنا من خلال القصة الواردة في سفر إشعياء 49 أن الشعب في القديم كان يصرخ لله بسبب العبودية والسبي مستخدماً كلمات تُشير إلى شعوره بالترك والنسيان من قِبل الله.

 

عزيزتي .. قبل أن أستكمل معكِ باقي القصة اسمحي لي أن أسألكِ " هل ينتابك ( ولو في بعض الأحيان التي تجتازين فيها بظروفٍ ضاغطةٍ ) نفس مشاعر الشعب في القديم؟ هل تشعري يا عزيزتي أنكِ متروكة أو وحيدة وكأن الله قد نسيكِ ؟ هل تصارعكِ في تلك الأوقات مشاعر اللوم تجاه الله بشأن ظروفكِ وكأنكِ تتساءلين " أين الله من حياتي ؟ "

 

أختي الحبيبة .. إذا كانت إجابتك بالإيجاب.. أو إن كنتِ تتفقين معي أن الكلمات السابق ذكرها تصبغ لسان حالكِ ولو في بعض الأوقات.. أرجو أن تلتفتي جيداً إلى إجابة الرب على الشعب .. تلك الإجابة التي تحمل عمق أحشاء الرب تجاه شعبه.. إذ يقول " هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها ؟" وهنا يدعونا إلى التأمل في موقف أم تجاه بكاء رضيعها الذي يحتاج إلى أمه حتى تُطعمه.. هل تتجاهل الأم صراخ رضيعها ؟ إن كانت الأمومة البشرية لا تحتمل بكاء الرضيع لأنها ترق إليه وترحمه فكم تكون أحشاء الأبوة الإلهية إزاءنا!! إن مشاعر الحب الإلهي تفوق بمراحل شاسعة عاطفة الأمومة البشرية لذا قال " حتى هؤلاء ينسين " أي " حتى وإن هؤلاء الأمهات نسين " أنا لا أنساكِ.

 

هل يُمكننا أن نأخذ من هذه الكلمات المملوءة بالحب رسالة خاصة لنا ؟ بكل تأكيد نعم. . لأنه يعرف كلُُُ ُ منا باسمه .. الله يعرفك باسمكِ ويحبكِ لشخصكِ والدليل على ذلك أنه نقشكِ على كفيه.ِ

إن أداة النقش التي استخدمها يسوع لينقشك على كفيه هي تلك المسامير الحديدية التي سمر بها جنود الرومان يديّ يسوع ورجليه باستخدام مطرقة ثقيلة هوت بمنتهى القسوة على أماكن المسامير لتتم عملية النقش التي تمثل روعة إعلان الحب الإلهي ليحمل على صليب الجلجثة كل آثامنا وخطايانا ويأخذ هو عقوبة خطايانا بدلاً منا ..

 

إن القسوة التي لاقاها الرب يسوع من جلد مزَّق جسده وضرب بالقصبة ، وإكليل شوك غُرس به جنبه ، وهزء وبصق على وجهه ، ومسامير ثُقبت بها يديه ورجليه ..

 كل هذه الآلام لم تكن بسبب خطايا ارتكبها هو، لأنه هو البار القدوس، وإنما كانت كل تلك الآلام من أجل خطاياي وخطاياكِ وخطايا كل البشرية الذين لوثتهم الخطية.. لقد كانت في أوجاعه كل الكفاية ليحمل عنا أوجاعنا وآلامنا، ليعفو عنا ويهبنا خلاص المفديين.

 

هل نجرؤ بعد كل هذا أن نُنكر محبة يسوع المُعلنة لنا والخلاص المجاني الذي منحه لفدائنا؟ّ!

 

ارفعي عينيكِ على رابية الجلجثة لتري قمة محبة يسوع لكِ .. اطلبي منه أن يفتح عينيكِ لتري المسامير التي نقشت شخصكِ على كفيه.. عندئذٍ اسأليه أن يأتي بيديه ( التي جُرحت من أجلكِ ) ويلمس بهما قلبكِ .. ليغسله بدمه الكريم من كل خطية، ويبارك حياتك بشركة حقيقية قوية تبدأ حيث تلتقي بصليبه لقاءً حياً ويكون مع هذا اللقاء بداية الحياة الجديدة في داخلك بميلادك الروحي وتستمر هذه الحياة إلى أبد الآبدين.


لمسات شافية