كيف نوفق بين ألم الإنسان وصلاح الله؟


تمر بلادناالعزيزة بظروف عصيبة وقاسية  آخرها ما رأيناهوسمعناه عن شباب طاهر نقي بسيط استشهدوا على يد أعوان الشيطان، هذه الحادثة ترينامدى قسوة إبليس، الذي قال عنه الكتاب يذبح ويهلك، وترينا أن من يقعون في يدهيصبحون مثله. لكن على الجانب الأخر ترينا شباب بسيط وفقير في المظهر والمادة لكنه غنيفي الجوهر والإيمان، يبدو انه لا حول لهم ولا قوة، لكن في الحقيقة هم إبطال رفضواإنكار المسيح حتى ولو السيف على رقابهم، كما أبوا خيانة الوطن مقابل الحرية رافضينإن يتحولوا إلى سهام في صدر الوطن، لأن من يحب الله يحب وطنه، من يحب الله لايخون. لقد ودعناهم بدموع ولكنها دموع الفرح من أجل قوتهم على مواجهة الموت دوناستسلام.                     موضوع الألم كبير وضخم  اتناول فقط فكرتين                                          

 أولاً- ما هو الألم؟ وما أسبابه؟

ثانيًا كيفنتعامل مع الألم  من خلال شخصية أيوب.

الألم pain  أيمعاناة، توجع  عدم راحة في الروح والنفس والجسد،كما في رو9: 2، وفي الفلسفة هو الشعور بما يضاد اللذة-وهو لغز غامض لن تستطيع الكلمات أن  تفكغموضه، بل الغموض فيه أكثر من الوضوح.
-الألم حقيقة واقعة في حياة كل كائن حي في كل زمان ومكان. جاء نتيجة الخطيةتك3  بالطبع هناك آلام سلبية نتيجة الكوارث،والبراكين، والأمراض،  وأخطاءنا الشخصية،واختيارات الخاطئة  فلكل زرع حصاد، ولكلفعل رد فعل، وهناك آلام ايجابية فهناك من يتألمون من أجل الحق، والخير، والنجاحوالخدمة، هناك آلام بسبب شر الأشرار وعدم قبول الآخر.  من ثم نقول إن المؤمن يتألم، والخاطئ كذلك، الناجحيتألم والفاشل، والغني يتألم والفقير. وما يزيد الألم ألمًا إننا نريد معرفة كل إسرارهوهذا أمر شبه مستحيل ولن يحدث طالما كنا هنا على الأرض.
 - الألم خبرة غير سارة في حياة البشرجميعًا وغير مرحب بها، إلا إنه قد يكون بوق الله الأخير الذي ينادي علينا ليقوللنا  أنتم في الموقف الخطأ.

- آلم المسيح والقديسين الأوائل أعطىللألم من أجل الحق والخير والحرية معنى وقيمة. لذا نظر له التلاميذ على إنه نعمة لا نستحقها في1: 29.                                                                                     

  قال أحدهم إن كنا لا نملك الفعلفنحن نملك رد الفعل، فإن كان الألم إجباري فرد الفعل اختياري، قد تختار أن تنتقم أوتسامح، تسلم لله القاضي العادل وتشكر أو تتذمر، تكتئب وتنسحب أو تشارك.،وقالآخر إن كانت التجارب والآلام متنوعة فنعمة الله متنوعة، لديه لكل تجربة نعمةتقابلها لأنه أب صالح، ولا يعطي أبناءه دموعًا لا داعي لها، الله كالجراح الماهرلا يعبث بالمشرط، إنه ملك كبير مازال متحكم في كل الأمور.

ثانيًا- كيفنتعامل مع الألم  من خلال شخصية أيوب؟                                                       

  أهم صفة  أطلقها العهد الجديد على أيوب هي الصبر"سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب" يع5: 11 ونحن في الألم نحتاج إلي الصبر قبلأى شيء، نحتاج ألا نتسرع في الحكم، ينبغي أن نرى كل المشاهد لا مشهد واحد.

1-  أيوب قبلالألم أي1: 5 ،8  كان في شركة مستمرة مع الله جعلت الله يشهد عنحياته، وهذا هو سر نجاح أيوب في التجارب المتنوعة التي واجهته، فهو لم يواجهبمفرده، لكن الرب كان معه، انتبهوا أيوب كان غنيًا جدًا، لكنه لم يجعل غناه يحرمهمن الشركة مع الله، إن الشركة مع الله يا أحبائي سر قوتنا فهل نحافظ عليها، سواء الخلوةالفردية، أو مع جماعة المؤمنين في الكنيسة. أع2: 42، عب 10: 25.

2-  أيوب في الألم،سمح الله بالتجارب على أيوب بجميع أنواعها لدرجة من كثرتها بعض الناس قالوا إن شخصيةأيوب غير حقيقية، لأنه من يستطيع أن يتحمل ما تحمله أيوب، وهنا لنا وقفة :أ-الإيمانلا يعفينا من الألم، وحياة التقوى لا ترفع  المعاناة، فحتى الأنبياء كانوا تحت الألم مثلنا.ب- الألم لم يفصل أيوب عن الله بل نقرأ إنه سجد (خضع لله) وقال عريانًا خرجت منبطن أمي عريانًا أعود إلى هناك" أي 1: 21 لكن في نفس الوقت عبر عن مشاعرهبالطريقة التي كانت سائدة في عصره (مزق جبته- جز شعر رأسه) أعلن الحداد،  وتكلم مع الله بصراحة عن مشاعره أى3  والله لم يغضب من أيوب لأنه عبر عما بداخلهبصدق. كان قويًا مرات، كم اضعف في مرات أخرى لأنه إنسان، لكن في كل هذا لم يبتعدعن الله، ولم يقطع شركته به.

3-  أيوب بعد الألم  أى 42 الألم مهما طال  لابد له من نهاية، إنه ليسالنهاية بل الأمجاد" إن كنا نتألم معه فلكي نتمجد معه" رو8: 17  أيوب بعد الألم أي بعد التجربة المرةقال بسمع الأذن سمعت عنك لكن الآن رأتك عيناي، لقد دخل النار لكنه خرج منها أقوىمما كان، كما عوضه الله عن كل ما فقده. إن الذهب  النقي عندما يدخل النار يخرج أكثر نقاوة،وصلابة، وقيمة في نظر الله ونفسه والآخرين. اما المزيف فيحترق.

نحتاج في وقتالألم نظرة صحيحة لله فهو أب صالح ، إرادته دائمًا مرضية وصالحة وكاملة، وفي صلاحهيحول الشر إلى خير لنا كما حدث مع يوسف، وفي صلاحه لا يتركنا كما يزعم البعض بلتكون عينه علينا وقريب منا جدًا  لأنناغالين عليه وذو قيمة كبيرة عنده،  إنه لايريد تدميرنا بل تلميعنا 1بط 1: 7  كما يجبألا ننسى إن الله مع الألم يعطي منفذ، وقوة لنحتمل، ومع الشوكة نعمة.                                 

  أختم معكم كماختم الرسول بطرس رسالته الأولى للكنيسة المتألمة بتعليم وتحذير، وتنبيه، ووعد .    

  التعليم" لا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم حادثة لاجلامتحانكم كأنه أصابكم أمر غريب"4: 12

 التحذير:لا يتألم أحدكم لكونه قاتل أو سارق أو فاعل شر أو متداخل في أمور غيره 4: 15                        

   التنبيه : اصحوا،واسهروا،  فإبليس خصمكم كأسد زائر يريد أنيفترسنا، ويقتنصنا لإرادته. 5: 8                

  الوعد : "وإله كل نعمة الذي دعانا إلى مجده الأبدي في المسيحيسوع بعدما تألمتم يسيرًا هو يكملكم ويثبتكم ويقويكم " له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين.آمين5: 10.

بقلم الفاضل القسثروت ثابت