إرادة الله

هل أسلك في المسار الصحيح؟ ماذا أفعل لو انحرف مسار حياتي وكيف أعود للطريق ؟ هل أيامي تمضي هباءً دون أن أحقق قصد الله منها؟ هل ما أفعله هو في صلب مشيئة الله لحياتي؟

إن كنتِ تسألين نفسِك مثل هذه الأسئلة، فتعالي نستعرض معاً كيفية معرفة إرادة الله على نحو شخصي.

 

إن قال لكِ أحدهم .. أنا أتمنى أن تتمتعي بأفضل حياة، ألا تستشعرين من وراء هذه الكلمات محبة قائلها لكِ؟ ألا تملؤكِ بنوع من الرجاء في مستقبل أفضل؟ إنني أدعوكِ أني تستمعي إلى كلمات الرب يسوع إذ قال:"وأما أنا فقد أتيت ليكون لهم حياة وليكون لهم أفضل"( يوحنا 10: 10)، أرجو أن تتناوليها على نحو شخصي. الرب يسوع هو واهب الحياة ، وعندما قال هذه الكلمات ، لم تكن بدافع التمني ، ولكنه يملك القدرة على تحقيقها بصورة عملية في حياتنا ، إن امتلأنا باليقين في روعته وقدرته.. إنه يريدنا ان نتمتع بكامل الفرح والبركات الإلهية .

إذاً، فالمبدأ الأول الذي أريد أن أُرسيه هو أن مشيئة الله لحياتنا صالحة وهي بدافع محبته لنا.

 

تصوري معي يا عزيزتي ، أنكِ بعد مسيرِك في حر النهار.. شعرتِ بالعطش واشتهيتِ أن تشربي ماءً حتى تطفئي ظمأكِ ، فسألتِ شخصاً عن أقرب مكان يمكنكِ أن تجدي به ماءً ، فأخذ الشخص يشرح لكِ مكانًا ليس في متناولِك الوصول إليه ، وعندما تغاضيتِ عن صعوبة المسير ، وقررتِ البحث عن هذا المكان ، لم تجدي ماءً واكتشفتِ انكِ ضللتِ الطريق؟ أمر مؤسف،أليس كذلك؟ قد يصدر هذا الأمر من البشر ، ولكن الله الذي يحبنا محبة خاصة جداً ، لا يريدنا أن نضل طرقنا ، وهو في محبته يُسر بأن يعلن لنا بكل وضوح إرادته.

وهذا هو المبدأ الثاني الذي أريد أن أُرسيه ، ألا وهو أن مشيئة الله ليست لغزاً عسر الفهم ، ولكن الله يريد ان ينير لنا الطريق حتى نسير بخطى ثابتة."أنا هو نور العالم ، من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة"(يوحنا 8 : 12).

 

الخطوة الأولى لمعرفة مشيئة الله لحياتنا هي أن نتأكد أن الرب يسوع يحيا في قلوبنا، وهذا من خلال قبوله مخلصاً شخصياً لنا. إن لم تكوني قد اتخذتِ بعد أهم قرار في حياتِك ، فلِمَ لا تسألينه الآن أن يسكن داخل قلبِك ويمنحكِ غفرانًا أبدياً على حساب دمه الكريم؟!

يمكنكِ أن تستعيني بكلمات هذه الصلاة لتسليم حياتِك للرب يسوع:

ربي يسوع .. آتي إليك بكل ضعف في حياتي

أعلم أنني عاجزة أن أسلك مسيرة الحياة بمفردي

حاولت بكل الطرق أن أحيا الحياة الكاملة ولكنني فشلت

أنا أعترف لك بكل خطايا ماضيّ

أنا أدعوك أن تأتي إلى حياتي وتسكن في قلبي

أنا أضع ثقتي الكاملة فيك كمخلصي وضامن حياتي .

أريد أن أحيا لك وأتبعك من كل القلب

في اسم المسيح آمين.

إن كنتِ قد صليتِ هذه الصلاة بكل قلبِكِ ، فثقي ان الله قد قبلكِ ابنة له على حساب عمل الرب يسوع على الصليب من أجلِك. لقد وعد قائلاً:" وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه"(يوحنا 1: 12 ).

عندما يدخل المسيح إلى قلبِك حينئذٍ تبدئين حياتِك الجديدة الرائعة مع الله ، سيتحدث الروح القدس معكِ يومياً، ليكشف لكِ عن محبته وروعته ومقاصده السامية لحياتِك.

المبدأ الثالث: الله يعلن عن إرادته لأولاده الذين يتبعون شخص يسوع المسيح من كل القلب.

"خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني"(يوحنا 10 : 27).

 

كيف يتحدث الله لأولاده؟

يتحدث الله إلينا بطرق عديدة منها :

1-الكتاب المقدس:

·        إن الكتاب المقدس هو كلمة الله المكتوبة التي يستخدمها لكي يتحدث إلينا عندما نقرأها بتمعن طالبين فهمها وإعلان الله من خلالها.

·        إن كلمة الله هي أصدق وسيلة يمكننا من خلالها أن نسمع صوت الله. فعندما نصلي ونطلب إرشاد الله إلى قرار معين نريد أن نتخذه ، فالله سوف يقودنا إلى جزء كتابي معين أو سيذكرنا بحادث كتابي ذي علاقة بما نفكر فيه .

·        إن الله من خلال كلمته يعلن لنا عن نفسه ، كما أنه يعزينا من خلال الكلمة ، يشجعنا ، يقودنا ويحذرنا."كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم وللتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر. لكي تكون إنساناً كاملاً متأهباً لكل عملٍ صالح"( 2 تيموثاوس 3 : 16 ، 17 ).   

·        كلمة الله تحمل إعلاناً متجدداً باستمرار، فهي ليست كأي كتاب آخر حينما نقرأه ونحصل على المعلومة المدونة به، يكون الهدف من قراءة هذا الكتاب قد انتهت ، ولكن كلمة الله مكتوبة بالروح القدس ، فهي تحمل فكر الله وإعلانه المتجددين."وعندنا الكلمة النبوية وهي أثبت التي تفعلون حسناً إن انتبهتم إليها كما إلى سراج منير في موضع مظلم إلى أن ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم. عالمين هذا أن كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص . لأنه لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين بالروح القدس"( 2 بطرس 1: 21 ).

2--الروح القدس:

لقد أخذ الرب يسوع يتحدث مع تلاميذه عن التعبير العملي عن محبتهم له ألا وهو حفظ وصاياه، والنتيجة الحتمية ستكون أنه سيُظهر ذاته لهم، ثم تحدث إليهم عن دور الروح القدس إذ قال:" وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي ، فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم"

( يوحنا 14 : 26 ).

إن الله يتكلم إلى أرواحنا من خلال الروح القدس الذي يعيش ويسكن فينا.

فإن استسلمنا لقيادة الروح القدس لحياتنا، فسنجده يتحدث إلينا ، ليس بصوت مسموع لآذاننا الخارجية ، ولكنه يتحدث إلى أرواحنا وقلوبنا ، وبهذه الكيفية نتواصل معه.

إن أعذب صوت يمكن أن نسمعه على الإطلاق هو صوت الروح القدس الذي يعزينا ويقودنا ويهدي خطواتنا.  

 

3-الظروف:

في بعض الأحيان تكون الظروف وسيلة جيدة لإعلان إرشاد الله وتوجيهه لأبنائه. ومن بين الأمثلة لتوضيح ذلك ، قصة جدعون عندما طلب من الله ظروفاً محددة وعلامات تؤكد أن الله يقوده ، فتحرك الله بطريقة محددة مع جدعون. (قضاة 6).

4-المستشارون الروحيون

من الأمور التي تساعد على معرفة مشيئة الله هي المشورة التي يمكن ان يقدمها المؤمنون الأتقياء من لهم عمق في كلمة الله وفهم لطرقه، فربما من خلال تعاملات الله معهم بصورة خاصة أو من خلال قراءتهم لكلمة الله تصبح حواسهم الروحية مدربة على التمييز والمعرفة الروحية. يقول الكتاب في "سفر الأمثال 23 : 12:" وجه قلبك إلى التعليم وأذنيك إلى كلمات المعرفة".

إنني أشجع على الالتجاء لهذه الوسيلة بعد أن نضع أنفسنا أمام الله بتواضع حتى يتحدث إلينا، لأنه إن كان الإرشاد يأتي دائماً من خارجنا ، فهذا سيشكل قصوراً روحياً في حياتنا ، لأن الله يريد أن يقودنا إلى النضوج والنمو في معرفته وتمييز صوته.