الزواج المسيحي-3

ثم إن فكرة كون دوام الحب هو السبب الوحيد لاستمرار الزواج لا تترك بالحقيقة أي مجال على الاطلاق للنظر إلى الزواج على أنه عهد أو وعد. فإن كان الحب هو كل شئ، فعندئذٍ لا يمكن أن يضيف الوعد اي شئ . وإذا كان لا يضيف شيئا ، فلا ينبغي أن يُقطع. والأمر الغريب هو أن الحبيبين أنفسهما ماداما متحابين فعلاً يعرفان ذلك أكثر من أولئك الذين يتكلمون عن الحب. وكما نوه شسترتن ، فإن لدي المتحابين ميلاً طبيعيا لربط أنفسهما بالوعود. فأناشيد الحب في جميع أنحاء العالم مفعمة بنذور الوفاء الأبدي. وليس القانون المسيحي هنا فارضاً على عاطفة الحب شيئاً غريبا عن طبيعتها بالذات: فهو يطلب من الحبيبين أن يأخذا على محمل الجد أمرا تدفعهما إلى فعله عاطفتهما من تلقاء ذاتها. 

ولا ريب أن الوعد الذي أقطعه وأنا واقع في الحب، ولأني واقع في الحب، بأن أكون مخلصاً للمحبوب ما دمت حياً، يلزمني أن أظل مخلصاً حتى لو فتر حبي أو تلاشى. فالوعد يجب أن يكون بخصوص أمور يمكنني أن أفعلها، أي معنيًا بالأفعال: فلا أحد يستطيع أن يعد بأن يستمر شاعراً شعوراً معيناً، وإلا فلماذا لا يعد ايضا بألا يصيبه صداع  ابداً، او بأن يظل شاعراً بالجوع كل حين؟ انما قد يُطرح هذا السؤال: أي نفع في ابقاء شخصين معاً اذا كان الحب بينهما قد زال؟ إن هناك اثنين من الأسباب اللاجتماعية الوجيهة : كي يوفرا بيتاً لأولادهما ، ومن أجل حماية المرأة من أن يتخلى عنها الرجل متى سئم منها ( وربما تكون قد ضحت بمهنة حياتها او عطلتها عند الزواج). إلا أن هنالك  ايضاً سبباً اخر انا على يقين من جهته وان كنت استصعب تفسيره قليلا . 

أما  وجهة الصعوبة فلأن كثيرين لا يمكن أن نبلغ بهم إلى حيث يدركون أنه متى كان" ب" أفضل من " ج" فإن "أ " قد يكون أفضل من "ب" أيضاً. وهم يهوون التفكير حسب التصنيف الجيد والسيئ ، لا حسب التصنيف الجيد والأجود والأكثر جودة أو الشيئ والأسوأ والأكثر سوءًا . فهم يودون أن يعرفوا هل تعتبر الوطنية أمرا جيدا ، فإذا أجبت بأنها طبعا أفضل بكثير من الأنانية الفردية ، إلا أنها دون مستوى المحبة الشاملة وينبغي أن تبتعد دائماً عن طريق المحبة الشاملة إذا تنازعنا ، يحسبون أنك تلجأ إلى المراوغة ويسألونك عن رأيك في المبارزة، فإذا أجبت بأنه أفضل بكثير أن تسامح أمراً من أن تخوض مبارزة معه ، ولكن حتى المبارزة قد تكون أفضل من عداوة تعبر عن ذاتها بمساعٍ خفية للقضاء على ذلك المرء، ينصرفون عنك متذمرين من امتناعك عن اعطائهم جوابا صريحا . فأرجو ألا يغلط أحد مثل هذه الغلطة بشأن ما سأقوله الآن.