علينا أن نتزوج بالعقل والقلب معًا

كانا مختلفين جداً. هي اجتماعية كثيرة الكلام وكثيرة الأصدقاء وهو رجل لا يعرف في الحياة إلا العمل والأكل والنوم وقراءة الجرائد ومؤخراً، تصفح الانترنت. ليس له أي صديق ولا يخرج من بيته إلا للذهاب لعمله أو لشراء الطلبات من السوق. انتهت حياتهما الزوجية مبكراً مع أنهما لا يزالان يعيشان تحت نفس السقف. 

لعلنا عندما نشاهد علاقات كهذه (وهي كثيرة) نتساءل كيف تزوج هذان الشخصان المختلفان؟ مع الوقت نكتشفت الإجابة وهي أن اختلافهما الشديد هذا هو السبب في تجاذبهما الشديد في البداية ثم صار سبباً في تنافرهما الشديد فيما بعد. 

الاختلاف هو الذي يؤجج الانجذاب العاطفي والرومانسي والجنسي (فالرجل ينجذب للمرأة لأنها مختلفة وأيضاً المرأة للرجل) هذا الانجذاب بسبب الاختلاف هو الذي نسميه "القلب"  نحن نحتاج لقلوبنا، أي لانجذاباتنا العاطفية غير الواعية، لكي تظل هناك شرارة الحب الرومانسي والجنسي مشتعلة إلى حد مناسب لأطول فترة ممكنة لأن الحب الجنسي والرومانسي هو الشعلة التي تشكل جانب الاستمتاع في العلاقة، والاستمتاع أمر مهم وضروري لاستمرار الحياة وتحمل الضغوط. 

في نفس الوقت نحن أيضاً نحتاج "للعقل" بما فيه من الاختيارات المنطقية الواعية. لأنها هي التي تشكل حجر الأساس الذي يحمل الزواج عندما تخف حدة شمس الانجذاب أو تتوارى خلف غيوم الخلافات والمشاجرات أو حتى الضجر والسأم.  العقول الواعية والاختيارات المنطقية تجعلنا نختار من هم مشابهين لنا في العقل والفكر والاختيارات والخلفية الاجتماعية والاقتصادية مما يقلل الخلاف. 

الأكثر وعياً ونضوجاً ليس هو من يتزوج "بقلبه" فقط أو "بعقله" فقط بل بالاثنين معاً. يجب أن تكون هناك درجة من الاختلاف تسمح بالانجذاب المستمر وأيضاً درجة من التوافق تسمح بالفهم المتبادل والانسجام في العلاقة. عندما يكون الاختلاف كبيراً تكون شرارة الانجذاب كبيرة جداً في البداية ونتصور أننا لا نستطيع العيش بدون ذلك الإنسان، لكن هذا الاختلاف يجعل استمرار واستقرار العلاقة معرضاً للخطر. 

وعندما يكون التوافق شديداً والزواج "بالعقل" تمامأً سرعان ما نشعر بالسأم والوحدة ولا تكون هناك شرارة الإنجذاب وهذا يعرضنا للعلاقات خارج الزواج عندما نرى شخصاً مختلفاً مثيراً. علينا أن نتزوج بالعقل والقلب معاً. 

د. أوسم وصفي